الكاريزما
رغم أن متابعتي لكرة القدم تقتصر على (كأس العالم فقط) إلا أنني اكتشفت أن شهرة اللاعب (والدخل الذي يتحصل عليه) لا تعتمد على موهبته ومهارته في اللعب فقط ؛ بل على جاذبيته الشخصية ونسبة «الكاريزما» التي يتمتع بها ... فهناك لاعبون يملكون موهبة فذة ومهارة عالية (كالانجليزي مايك أوين) ولكنهم لا يملكون «كاريزما» تؤهلهم للشهرة وتوقيع عقود ضخمة . وفي المقابل تجد لاعبين آخرين (مثل زميله ديفيد بيكهام) يتمتع بشهرة كبيرة وثراء فاحش وجاذبيته طاغية (رغم تسببه في إحراج المنتخب الانجليزي في منافسات كروية عديدة) !!
.. وال«كاريزما» - أيها السادة - كلمة اغريقية قديمة تعني «موهبة ربانية أو منحة إلهية» .. وهي بالتأكيد موهبة ربانية كونها تشير إلى الجاذبية الكبيرة والحضور الطاغي الذي يتمتع به بعض الأشخاص . ففي حين يمكن لكل إنسان اكتساب «شعبية» خاصة ومدروسة، يصعب على معظم الناس اكتساب «كاريزما» تضمن ولاء الجماهير (وتعلقهم بحامل الرسالة أكثر من الرسالة نفسها) !!
.. ولو نظرت حولك مثلاً للاحظت أن جميع الناس يسعون لجذب انتباه الغير بكل الوسائل الممكنة ؛ وفي المقابل يوجد شخص فقط يملك كاريزما خفية تجذب إليه العقول والقلوب بدون جهد يذكر (وهذا الرجل بالذات قد يكون أقل معارفك شأنا واهتماما بلفت الانتباه) ..
و«الكاريزما» عنصر مهم في شخصية «القائد» كونها تضمن اجتذاب الجماهير والاحتفاظ بولائهم - بل وغسل أدمغتهم في كثير من الأحيان - .. وقد تتجسد في مجال السياسة (كما في شخصية تشرشل وغاندي ومانديلا) أوعالم الرياضة (كمايكل جوردن وبيكهام وزيدان) أو نجوم الطرب (مثل الفيس برسلي ومايكل جاكسون وفرقة البيتلز) .. كما توجد بنسبة طاغية لدى نجوم السينما (لدرجة تطلق عليهم صحافة هوليود لقب أنصاف الآلهة) !!
وفيما يخص كرة القدم - التي بدأنا بها المقال - يأتي بيكهام كأكثر النجوم المشاركين في كأس العالم جاذبية وثراء (بدخل سنوي يفوق 120 مليون ريال) .. وهذا الدخل الكبير ليس له علاقة براتبه السنوي في ريال مدريد بل بنسبة الكاريزما المرتفعة التي أهلته للمشاركة في حملات إعلانية ضخمة ( أتت بشكل أساسي من شركتي بيبسي وأديداس) !!
ورغم ارتباط ظاهرة الكاريزما بالقادة العظماء (كنابليون ولينين وكيندي وماوتسي تونغ وجمال عبد الناصر) إلا أنها غير مشاهدة أو ملموسة في قادة اليوم ؛ فرؤساء حاليون مثل بوتين وبوش وبلير وشيراك لايتمتعون بأي جاذبية أو كاريزما شخصية - بل اتضح أنهم يثيرون ملل الناس أثناء خطبهم المعتادة - . وقد يعود السر هنا إلى وجود «نظم انتخابية» تضمن وصولهم للمنصب القيادي اعتمادا على الترشيح - والترجيح - وليس على الشعبية أو الكاريزما الذاتية !!
.. ويختلف خبراء القيادة والتدريب حول إمكانية (أو عدم إمكانية) خلق الكاريزما لدى الأشخاص المملين ؛ فالبعض يرى إمكانية خلق وبناء الكاريزما من خلال التدرب على أداء تصرفات وحركات معينة ؛ وفي المقابل يرى البعض الآخر - وأنا منهم - أن أمراً كهذا قد يؤدي لنتيجة عكسية تماما .. ففي حين تأتي قوة «الكاريزما» من غموضها وتلقائيتها وحضورها بشكل طبيعي ؛ قد يؤدي تصنع حركات معينة (مثل الجلوس بطريقة أنيقة أو تركيز النظر باتجاه معين) إلى تأكيد عدم الثقة بالنفس وفضح هشاشة الإنسان من الداخل !
.. أنا شخصياً أرى أن لكل إنسان نسبة معينة من الكاريزما يخاطر بطمسها إن تصنع تصرفات غير أصيلة في شخصيته .. وبناء عليه ؛ قد تكون أفضل نصيحة لاكتشاف جاذبيتك الخاصة هي : أن تتصرف على سجيتك، وتنسى تماما رأي الناس فيك !!
في سوق الأسهم اجعلْ الزمن حليفك
بصراحة .. حين أنظر حولي لا أجد احداً استطاع النجاة من كارثة الأسهم الأخيرة (!!!) ويعود السبب إلى أن أيا منهم لايملك خططا استثمارية (طويلة المدى) تمتد لخمسة أو عشرة أو حتى عشرين عاماً . فرغم أنني لا أفقه كثيرا في سوق الأسهم إلا أنني على يقين بأن خسائر الأفراد تتفاوت بحسب الأقدمية وأسبقية الدخول .. فمن دخل مثلا في صناديق الاستثمار (أو احتفظ بأسهم ممتازة منذ خمس سنوات) لم يتأثر كثيرا بقسوة الانهيار الأخير ؛ فحين راجعت ثلاثة من أعرق الصناديق الاستثمارية - في ثلاثة بنوك مختلفة وجدتها قد حققت أرباحا تقدر ب 796٪ و631٪ و793٪ (منذ عام 2000 فقط) .. وهذه النسب المرتفعة تعني أرباحا تفوق ال(100٪) عن كل سنة من السنوات الست الماضية . وإذا علمنا أن الانهيار الأخير تسبب في هبوط السوق بنسبة 50٪ فقط نكتشف أن أرباح السنوات الماضية تفوق بأشواط خسارة العام الحالي 2005!
.. وهذه الأرقام تثبت إيجابية الاستثمار طويل المدى (وارتفاعه) فوق أي خسائر محتملة قد يتعرض لها السوق .. وخبراء التخطيط المالي يؤكدون أن من يملك خطة طويلة المدى - لخمس سنوات أو أكثر - يضمن لجانبه حليفا قويا ووفيا يدعى «الزمن» أو «عامل الوقت» .. فلو أنك مثلا دخلت قبل عشر سنوات في الصناديق الثلاثة السابقة لحققت الآن ربحا قدره 1721٪ و1429٪ و1780٪ على التوالي . وفي حالة رغبت البقاء لعشر سنوات أخرى (حتى يبلغ ابنك سن العشرين مثلا) فهذا يعني تحقيق مكاسب إضافية مضاعفة - حتى لو تكرر الانهيار الأخير لعشر مرات مماثلة - !!
.. وفي المقابل ؛ الخسارة مضمونة ومؤكدة لكل من ينظر للأسهم ك«حراج» للكسب السريع (فأمر كهذا لا ينجح إلا مع عدد محدود من السماسرة والمضاربين المحترفين) . فمن يحتاج لماله خلال فترة زمنية قريبة - بغرض الزواج أو بناء منزل مثلا - لا يجب أن يجازف به في سوق الأسهم بسبب مخاطرها الكبيرة وغير المتوقعة (كما أثبت الانهيار الأخير) .. وفي المقابل تخف هذه المخاطر كلما زادت سنوات الاستثمار وطالت فترة الانتظار، وهذه حالة شخصية يحددها كل انسان اعتمادا على دخله وعمره والغرض من استثماره !
... ما أود قوله هنا هو أننا نحتاج الى التخلي عن ذهنية المقامرة ووضع خطط طويلة تضمن أرباحاً مستقرة - تفوق على المدى الطويل متوسط «المضاربات» كلها - .. ورغم أن مساحة الزاوية لا تتسع لإيراد «مسائل حسابية» تثبت هذه الحقيقة ؛ إلا أن الفرق بين الاثنين مؤكد وحقيقي ويصبح شاسعا بمرور الزمن ...
أما إن كنت تملك مبلغا معينا (تعرف أنك ستحتاجه بعد ستة أشهر أو سنة) فابتعد تماماً عن سوق الأسهم بسبب خطورته على المدى القصير ... نعم .. قد تكون محظوظا وتكسب (بضعة آلاف قبل الانهيار التالي) ولكنك تجازف بفقد معظم مدخراتك لو انفجرت الفقاعة فجأة ..
أما إن كنت تستثمر لأطفالك (حتى يصلوا لسن معينة) فعلى العكس تماما ضع كامل المبلغ في الأسهم الممتازة وسيتكفل الزمن بتجاوز أي مخاطر أو انهيارات محتملة .. فلو افترضنا مثلا أنك استثمرت 30 ألف ريال ؛ وارتفع السوق بمتوسط سنوي يبلغ 30٪ فقط ؛ سيجد أبنك أكثر من خمسة ملايين ريال حين يصل لسن العشرين - بصرف النظر عن عدد الانهيارات المحتملة خلال هذه الفترة !
أخلاق الإنسان .. هل يمكن تغييرها بعملية جراحية !؟
أذكر أنني قرأت - في مجلة ما - عن تجربة فريدة قام فيها جراح مخ وأعصاب بزرع أقطاب كهربائية في دماغ قط ذكر .. وكانت الأقطاب تبث تيارا مترددا إلى مركز الشهوة الجنسية في دماغ القط - بحيث يتدفق التيار كلما ضغط زرا أمامه . وبسرعة ربط القط بين ضغط الزر والشعور بالمتعة فأخذ يضغط ويضغط ويضغط (لدرجة أن المسكين ما نام الليل) حتى سقط مغشيا عليه . وفي اليوم التالي استيقظ القط مجددا ولكنه هذه المرة - وأمام استغراب الطبيب - لم يعد مهتما بضغط الزر رغم بقاء الأقطاب في رأسه . وحين توفي في النهاية (ولا أستبعد مقتله على يد الطبيب) تم تشريحه فاتضح أن منطقة الشهوة لديه «احترقت» بالكامل فعاش بقية أيامه باردا عنينا !!
.. أما في اليابان فقد عرضت إحدى المحطات التلفزيونية تقريرا مصورا ل(صراصير) حقيقية تتحرك عن بعد ب «الريموت كنترول» . فقد شُبكت في أدمغتها أسلاك كهربائية أتاحت للجراح (المسؤول عن العملية) التحكم بها بطريقة لاسلكية كسيارات الأطفال ..
وفي مايو الماضي زرع الأطباء في جامعة نيويورك أقطابا كهربائية في رؤوس خمسة فئران واصبحوا يتحكمون فيها بطريقة لاسلكية بحتة . وتمت التجربة بإشراف الدكتور سانجيف تالور - وبتمويل من الجيش الأمريكي بغرض استعمال الفئران لتفجير الألغام والتصوير بين الأنقاض والتغلغل في ثكنات العدو !!!
... هذه التجارب لا يوجد ما يمنع - لا تقنيا ولا طبيا - من تنفيذها على البشر .. وهي مجرد نماذج توضح إمكانية التحكم بسلوك المخلوقات من خلال تقنيات جراحية تستهدف مناطق معينة في الدماغ .. كما أنها غير جديدة بالكامل حيث تم اللجوء للصعق بالكهرباء في المستشفيات النفسية منذ مائة عام لعلاج الحالات المتقدمة ( اعتمادا على فرضية تدعي أن الكهرباء تؤثر على مناطق التهيج المعنية في الدماغ )...
وهناك بالفعل فرع متخصص في علم النفس يهتم بتطوير عمليات التدخل الجراحي للتخلص من طبائع وعادات سلبية معينة (كالعنف، والإدمان، واشتهاء الأطفال، والاكتئاب المزمن) . وكانت الصين قد أجازت - منذ بداية هذا العام - إجراء عمليات تدخل جراحي للتخفيف من الميول الإدمانية الشديدة نحو المخدرات . وحتى يومنا هذا تجيز دول كثيرة (من بينها الولايات المتحدة) عقوبة الإخصاء الطبي على المغتصبين والمتحرشين بالأطفال (كون ذلك يحد من إفراز الهرمونات الجنسية لديهم فيخف بالتالي شبقهم الجنسي) .
..وكان عالم النفس الروسي فسييليف يرى ان جزءاً من الاضطرابات النفسية يعود إلى تداخل أو اختلال موجات المخ المغناطيسية. وبرصد الذبذبات المناسبة ابتكر - أثناء ترؤسه معهد ستالينجراد للطب النفسي - تقنيات تؤثر عن بعد على ادمغة المنشقين وتدفعهم للانتحار أو قتل رؤسائهم في الدول الأخرى !
أما الدكتور يفيس اجيدا (من مستشفى سيلبيترير في باريس) فكان يجري عمليات في المخ لمرضى الزهايمر - وهي عملية تتطلب استعمال الأقطاب والنبضات الكهربائية في بعض مراحلها. ومن خلال متابعته للمرضى اتضح أن بعضهم شفي تماما من أمراض نفسية لازمته طوال حياته (في مقدمتها الوسواس القهري) !
.. وبناء عليه قد يتم - في المستقبل القريب - اللجوء للعمليات الجراحية للتخفيف من الميول الإجرامية والتصرفات العدائية في السجون والإصلاحيات، في حين قد يلجأ المواطن العادي طواعية (أو بأمر من مديره في العمل) إلى إجراء جراحة تخلصه من العصبية وبلادة الذهن .. ومن يدري .. قد يتحول الأمر مستقبلا إلى موضة - تشبه عمليات التجميل وشد الوجه هذه الأيام - لدرجة قد تسمع أحدهم يسأل الآخر : وينك يافلان!؟ .. فيجيبه بلا تردد: «كنت في المستشفى أسوي عملية شد أخلاق»!
المونوليزا (9%) اشمئزاز و (6%) خوف
رغم جهلنا بسيرة السيدة (ليزا دا جوكندا) إلا أنها بالتأكيد دخلت التاريخ كصاحبة "أشهر ابتسامة في الدنيا" .. ويؤكد هذه الحقيقة شهرتها العالمية ووجودها الدائم في متحف اللوفر بباريس من خلال أغلى لوحة في العالم (المونوليزا) ..
وهذه اللوحة رسمها الفنان الايطالي ليونارد دا فنشي وهرب بها إلى فرنسا - حيث مات هناك - وانتقلت ملكيتها بعد وفاته إلى البلاط الملكي . وهي رسم شخصي لأميرة ايطالية يقال إن دا فنشي رفض تسليمها لزوجها لتعلقه بها وتعاطفه معها . ومن ينظر إلى لوحة المونوليزا (التي تدعى أيضا الجوكندا نسبة إلى صاحبتها) يلاحظ الابتسامة الهادئة والمحيرة التي ترتسم على ملامحها ..
وقد خضعت هذه الابتسامة - ومازالت - لمحاولات عديدة لتفسيرها وتقييمها واستجلاء حالة صاحبتها .. وقبل أيام فقط ظهرت نتائج دراسة طريفة من جامعة أمستردام حاولت تفسير مغزى هذه الابتسامة بطريقة "كمبيوترية" بحتة ؛ فبهدف الابتعاد عن الميول الشخصية - والآراء الإنسانية - ترك المبرمجون للكمبيوتر مهمة تقييم ملامح الجوكندا بعيدا عن الدخل البشري . ولتنفيذ هذه المهمة "حّملوا" الكمبيوتر بآلاف الصور التي تتضمن ابتسامات - تشير إلى الفرح والسخرية والاشمئزاز والغضب والخوف - لأشخاص عاديين ومجهولي الهوية ... ليس هذا فحسب بل تضمن البرنامج إمكانية تتبع خط الشفايف وقوس الحواجب والتجاعيد الصغيرة التي تظهر على جانبي العين حين نبتسم . وفي النهاية قارنوا ابتسامة المونوليزا بمعطيات البرنامج فأتضح أنها تتضمن (83% فرح ، و9% اشمئزاز ، و6% خوف ، و2% غضب مكبوت)!!
وما أثار انتباهي في هذا الموضوع - ليس طبيعة الابتسامة نفسها أو تحليل شخصية إمرأة ماتت قبل قرون - بل ظهور برنامج "كمبيوتري" يحاول تقييم نفسيات ونوايا البشر من خلال صورهم الفوتوغرافية .. ورغم صعوبة الحكم على الناس بواسطة صورة فوتوغرافية (لحظية) إلا أن المبرمجون يؤكدون أن معدل الدقة - في الأحكام التي تصدر عن البرنامج - ترتفع بازدياد الصور المقارنة (وهو ما شجعهم على تطوير البرنامج للعمل من خلال فيلم سينمائي طويل يتضمن قدرا كبيرا من اللقطات والأبعاد واتجاهات الوجه المختلفة) !
وفي الحقيقة كان رائد التحليل النفسي (سيجموند فرويد) أول من حاول تفسير تلك الابتسامة على أنها معاناة الرسام نفسه "دا فنشي" من عقدة أوديب (مدعيا أن ابتسامة مونوليزا ليست سوى ابتسامة كاتارينا أم الفنان نفسه).. وحاول بعده أطباء كثيرون إعادة تلك الابتسامة إلى مشاكل صحية ونفسية كانت تعاني منها صاحبة اللوحة ليزا دا جوكندا ؛ فالطبيبان الفرنسيان كورتيه وجريبو باتريك استنتجا (من ورم ظهر بين إبهام اليد اليمنى وسبابتها) وجود اختلال عصبي في شقها الأيمن يسبب لها آلاما دائمة جعلها تتجلد أمام الرسام بتلك الابتسامة المحيرة . أما الطبيب الياباني ناكامورا فاستنتج من العقدة الدهنية أسفل عينها اليسرى أن ليزا كانت تعاني من ارتفاع في كوليسترول الدم واحتمال الإصابة باعتلال الشرايين !
... على أي حال ؛ محاولة استجلاء ابتسامة الجوكندا قد يكون فاتحة لأساليب وتقنيات جديدة تحاول استجلاء مشاعر الناس من خلال صورهم الشخصية أو المتحركة .. ولك أن تتصور استعمال هذه التقنية من خلال كاميرات مراقبة خاصة - في المطارات مثلا - تستشف خفايا الناس وتترجم نياتهم بسرعة خارقة ...
(.. ولتفادي أي لبس ؛ أنصحك من الآن بالابتسام أمام أي كاميرا ترتفع فوق رأسك) !
تفاءل بما تهوى .. يتحقق !
هناك رواية خيالية تدعى الكرة (او sphere ) تتحدث عن اكتشاف البحرية الامريكية لمركبة فضائية غرقت في المحيط . وبسرية تامة تشكل فريقا من العلماء المتخصصين للنزول لتلك المركبة وكشف تقنياتها المتقدمة . وسرعان ما يكتشف فريق العلماء انها مركبة فضائية (من صنع ارضي) قادمة من المستقبل البعيد . وكان واضحا انها تعرضت لحادث فضائي غريب غرقت على اثره في البحر - وعادت بسببه الى الماضي - .. وفي مستودع التخزين يجدون كرة ذهبية كبيرة متموجة - اشبه بنقطة زئبق كاملة الاستدارة - وجدتها المركبة المنكوبة في الفضاء الخارجي . وشيئا فشيئا تسيطر هذه «الكرة» على افكارهم وتدخلهم تحت سطوتها بطريقة غامضة .. ليس هذا فحسب بل اتضح ان لهذه «الكرة» قدرة عجيبة على تجسيد افكارهم ومخاوفهم وخلقها بشكل مادي حقيقي .. فاحد افراد الطاقم مثلا كان يسلي نفسه بقراءة رواية تدعى (02 الف قدم تحت البحر) حيث تتعرض احدى الغواصات لهجوم شرس من مجموعة من الحبار العملاق .. وحين يقرا هذه الفقرة بالذات تبدا مجموعة من الحبار العملاق بالتجسد حول غواصتهم بشكل فعلي وتهاجمهم بشكل شرس!!
.. هذه الرواية (التي كتبها مايكل كريتشونس) هي في الحقيقة مجرد نموذج لفكرة فيزيائية وفلسفية قديمة تدعي ان لافكارنا القدرة على التجسد في ظروف معينة .. وحسب هذا الراي فان مجرد تفكيرنا في امر ما يساهم (مع بقية الافكار) في بلورة او خلق جزء من الواقع الذي نعيشه او نتوقعه ..
والتقنيات الطبية الحديثة اثبتت اليوم ان للافكار الانسانية طاقة كهربائية وعصبية يمكن قياسها . كما تثبت اجهزة التصوير المغناطيسي ان الدماغ يفقد ويستهلك طاقة حقيقية حين ينغمس في التفكير . وطالما ثبت ذلك يصبح من المقبول القول ان رغباتنا الملحة (تساهم) في تغيير الواقع المادي من حولنا - ولو بجزء يسير من الطاقة !
ولعلك لاحظت شخصيا انه كلما زادت ثقتك في الحصول على شيء توافقت الظروف وتهيات الاسباب لتحقيقه . فانت تفوز في الغالب حين تكون واثقا من الفوز وتحصل على ما تريد حين ترغب فيه بشدة (وحين تفكر بعمق بصديق قديم يرن الهاتف او تفتح الباب فتجده امامك) !!
ورغم ان معظمنا مر بحوادث توكد هذه الظاهرة الا ان معظم الناس لايدركون وجودها ولا يحاولون توظيفها لصالحهم . وفي المقابل هناك من ادرك وجودها وحاول تنظيمها بشكل جماعي وواع - من خلال توجيه عدة عقول نحو هدف واحد - واذكر قبل عدة اعوام انني قرات عن مجموعة من الفي شخص اجتمعت قي نيويورك ل (تركيز نياتها) على احلال السلام في البلقان وتدعى ان توقيع اتفاقية دايتون تمت بفضل (اصرارها) على ذلك !!!
... وفي الحقيقة توجد في السنة المطهرة احاديث كثيرة تصب في هذا المعنى ؛ فقد ورد عن المصطفى صلى الله عليه وسلم قوله : (ماء زمزم ؛ لما شرب له) ، وجاء في صحيح البخاري حديث بهذا المعنى : (انا عند حسن ظن عبدي بي) وجاء كذلك : (لا يرد القدر الا بالدعاء) وغالبا ما يقف خلف الدعاء رغبة شديدة في تغيير الحال ..
.. ايضا جاء في سنن البيهقي (تحت باب لم يكن له ان يتعلم شعرا ولا يكتب) عن عائشة انها قالت ما جمع رسول الله بيت شعر قط الا بيتا واحدا :
تفاءل بما تهوى يكن
فقلما يقال لشيء كان الا تحقق
... كل هذه النماذج والشواهد تثبت تاثير الرغبة واليقين على تغيير الية الاحداث حولنا .. ولا ادعي هنا ان رغباتنا هي صاحبة التاثير الاكبر في اقدارنا ؛ ولكنها بالتاكيد تاخذ زمام المبادرة في مواقف معينة - وترجح مواقف اخرى حين تتساوى المسببات !!
.. وقبل ان انسى ..
(تفاءلوا بالخير تجدوه)!!
منقوووووووووول