كان العرب في الماضي يعتقدون أن «إشعاعا خفيا» يخرج من العينين يتيح لهما رؤية الأشياء . وكان الدعاء بالعمى يأتي من خلال جملة تشرح فكرة الرؤية لديهم (أطفأ الله نور عينيك) .. ولكن الحقيقة هي أن العين عمياء بطبعها (وتصبح بلا فائدة في الظلام الدامس) كونها تعتمد على الضوء الخارجي لرؤية ما حولها ..
فعملية الإبصار ذاتها تتم بفضل انعكاس الضوء على المواد الصلبة (كالحائط والطاولة) أو بواسطة الضوء الصادر عنها (كالشمعة ومصباح السيارة) . أما حين يكون الجسم المستهدف شفافا أو رقيقا (كالزجاج والماء والهواء) فحينها فقط يمكن لبصرنا «اختراقه» ومشاهدة مايقع خلفه !!
... والآن أريدك أن تتصور معي حالة ثالثة للرؤية، لم تعهدها عيناك من قبل(!!)...
تخيل معي جسما لا يعكس الضوء (كالحائط) ولا يسمح بمروره (كالزجاج) بل يجبره على الالتفاف حوله وإكمال مسيرته من الجانب الآخر (كما يصطدم الهواء بجناح الطائرة ثم يلتقي ثانية عند مؤخرته) .. في هذه الحالة ستنخدع العين ولا ترى هذا الجسم بتاتا ويصبح بالنسبة إليها خفيا وغير مشاهد - رغم وجوده أمامها فعليا !!
هذه الحالة الضوئية كفيلة بتحقيق حلم «الرجل الخفي» أو «طاقية الإخفاء» التي تتيح للابسها الاختفاء عن أعين الناس تماما .. وهناك بالفعل تجارب ومشاريع علمية حاولت تحقيق هذه الحالة وإنتاج مواد (أو أقمشة) غير مرئية وحارفة للضوء ؛ ففي عام 2000 مثلا نجح علماء الكيمياء الحيوية في جامعة تكساس في جعل جلود الجرذان شفافة لدرجة القدرة على رؤية ماتحتها من عضلات وأعصاب وأوعية دموية . وقد اعتمدوا في هذا الاجراء على حقن الغليسورول (وهي مادة شفافة اصلا) ثم تفعيلها مع خلايا الجسم بحيث تصبح شفافة لمدة عشرين دقيقة فقط ... وقبل عامين تقريبا رأيت تقريرا مصورا عن ابتكار معطف شفاف في اليابان يحرف الضوء عن سطحه الخارجي بحيث يغدو لابسه خفيا ومستعصيا على المشاهدة .. وفي الأسبوع الماضي فقط قالت مجلة نيوساينتست إن علماء الفيزياء في جامعة «امبيريال كوليج» نجحوا في تركيب مواد حارفة للضوء أطلقوا عليها اسم «ميتا» . وهي تتشكل من ملفات كهربائية تمتد بالتوازي على السطح الخارجي وتحرف الضوء بسلاسة وتناسق - حاملة معها بصر الإنسان إلى الطرف الآخر - !!
... ورغم أنني شخصيا لا أرغب بالتورط في الاستعمالات المحتملة لأي طاقية - أو معطف - يمنح لابسه الشفافية الكاملة ؛ إلا أنني على يقين بأن فكرة الاختفاء ذاتها أصبحت اليوم أقرب من أي وقت مضى .. ورغم أنني لا أعرف الطريقة المثلى لفضح أي «رجل خفي» يتسكع بيننا إلا أنني على يقين بأن إختفاء الجسد ذاته سيصيبه بالعمى حتما (لأن مجرد تحوله لجسم شفاف يمنع عينيه من التقاط أي ضوء حوله) !!
... ومع هذا ؛ مازلت أتساءل إن كان مجرد تحول أحدهم إلى «رجل خفي» يجعله قادرا على رؤية مخلوقات خفية تعجز العين البشرية عن رؤيتها !؟
.. مخلوقات قال عنها المصطفى صلى الله عليه وسلم : إذا سمعتم أصوات الديكة فاسألوا الله من فضله فإنها رأت ملكاً وإذا سمعتم نهيق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان فإنها رأت شيطاناً !!؟ ...
منقققوووووول