سيف الحق عضور مؤثر
عدد الرسائل : 75 العمر : 33 العمل : طالب المزاج : متفائل بالخير تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: صلاح الدين... البطل المغوار... والشاب المنتظر 9 الخميس أغسطس 14, 2008 6:18 pm | |
| الفصل التاسع
مصر
الصحبة الصالحة
ان كانت الفصول السابقة قد اشتملت عل تفاصيل خاصة بكل من أسد الدين شيركوه وجمال الدين الأصفهانى و نور الدين محمود و بالطبع نجم الدين أيوب، فذلك لإن كل هؤلاء قد أسهموا بشكل فعال فى تشكيل شخصية صلاح الدين الأيوبى.
أبالأمس فقط ... ؟!
و بعيدا عن التدريبات، بدأت خبرة صلاح الدين العسكرية فى خوض المعارك من خلال تنقلاته فى مدن الشام المختلفة مثل حلب و حمص و حماة و دمشق تحت لواء الدولة العباسية تارة و الدولة النورانية تارة اخرى. و ذلك طبعا أعقبه دوره الهام الذى أداه بنجاح باهر على عدة مراحل فى مصر. و بالتالى فمن المهم القاء الضوء على الأحوال التى كانت تعصف بمصر قبل قدوم صلاح الدين اليها.
كانت الأمة الإسلامية مقسمة فى ذلك الوقت بين الدولة العباسية و مركزها بغداد، و الدولة الفاطمية و مركزها القاهرة. و كان الخليفة العاضد على رأس الدولة الفاطمية فى تلك الفترة التى شهدت ضعف شديد للأحوال بمصر. و رغم اللقب الذى كان يعرف به الحاكم الرسمى للدولة الا أن الأسماء ليست دائما المعيار الذى يؤخذ به عند تقييم الشخصية. و يتضح ذلك من خلال عدم تمكن الدولة الفاطمية من الدفاع عن بيت المقدس فى أى وقت من الأوقات، بل أنها سحبت قواتها رغم ادعاء قادتها بالحماس للإسلام. و يرجع ذلك الى ضعف الخليفة و فرض رؤساء الوزراء و الوزراء قبضتهم على مقاليد الأمور فى تلك الفترة. و استشرت افة هؤلاء الوزراء ما بين جشعهم و حرصهم على اثراء أفراد اسرتهم و ذويهم، غير عابئين بمصالح الأمة. و نتيجة لذلك أصبح الفقراء يهلكون فقرا و المفسدون يتفحشون ثراءأ، و ذلك طالما أن الوزراء حرصوا على ارضاء هؤلاء المفسدون و الإنتفاع منهم.
مصر ... خير الأجناد ... و أرض الخير
كان رئيس وزراء مصر فى ذلك الوقت يدعى شاور، و كان على خلاف كبير مع أحد الوزراء اسمه ضرغام. و فى احدى المعارك الى جرت بينهما استطاع ضرغام أن يهزم شاور و يطرده من مصر. و لم يجد شاور سبيلا الا أن يلجأ الى نور الدين محمود طالبا منه المساعدة ليستطيع أن يستعيد مكانته بمصر، و ذلك مقابل مبلغا من المال. و قد أخذ نور الدين أمرين فى الإعتبار على، أولهما أن شاور كان على حق، و ثانيهما أن نور الدين محمود كان مهتما للغاية بأمر مصر رغم بعدها عن الشام لإنه كان يدرك تماما أنه بحاجة للتحالف مع مصر لتحرير بيت المقدس، فمثلما لا يستطيع الطائر أن يحلق بدون أحد جناحيه، فكانت الشام و مصر جناحى الأمة اللذان يحتاج اليهما نور الدين لتخليص بيت المقدس من أيدى الصليبييين. و فى هذا الخصوص كانت تعلق بذهن نور الدين محمود أحاديث رسول الله صلى الله عليه و سلم التى تنبئ بأنه ليست هناك معركة فاصلة تخوضها الأمة الإسلامية دون أن يشارك فيها رجال و شباب مصر. و هذا ليس تحيزا لإنى مصرى و لكن التحيز لحديث رسول الله صلى الله عليه و سلم: "اذا فتحت عليكم مصرا من بعدى فاتخذوا منها جندا كثيفا فذلك الجند خير اجناد الأرض". و قيل: "و لم يا رسول الله؟"، فقال صلى الله عليه و سلم: "لإنهم فى رباط الى يوم القيامة". فاذا كان الرسول الكريم قد و صف الجند المصريين بهذا الحال فهى بمثابة رسالة اليهم لتحسين علاقتهم بالله سبحانه و تعالى و غرس الطموح فى نفوسهم لنصرة الإسلام. و فى حديث اخرقال النبى صلى الله عليه و سلم: "مصر كنانة الله فى أرضه. ما كاد أهلها أحدا الا كفاهم الله مؤنتها".
و اذا كانت هذه هى المرجعية الدينية التى نتناولها، فان لها بالطبع بعدين أحدهما سياسى و الاخر عسكرى لم يغفل عنهما نور الدين محمود، و ذلك الى جانب علمه بثروات مصر الزراعية و الإقتصادية من ناحية، و مدى ثراء الحاكم الفاطمى من ناحية أخرى، حتى شاعت مقولته: "بجنود الشام أفتح مصر، و باموال مصر أفتح بيت المقدس". و بالتالى كانت فكرة القيادة الموحدة للشام و مصر موجودة بالفعل فى ذهن نور الدين محمود عند تخطيطه لخوض معركة مصيرية، حيث كان يعتمد على الشام و مصر اعتماد الطائر على جناحيه للطيران.
البداية
و استغرق نور الدين قدرا من الوقت فى التفكير اذا كان الأحرى به أن يلبى طلب شاور فى مساعدته على العودة الى مكانته فى مصر مقابل مبلغ مادى كبير يصل الى خمسين ألف دينار ذهبية ام لا. و عندما وافق نور الدين على طلب شاور، عين أسد الدين شيركوه قائدا للقوة المتجهة الى مصر، و الذى اتخذ من صلاح الدين الأيوبى مساعدا أولا له و هو مازال فى السادسة و العشرين من عمره، و كان ذلك فى عام 558 هجرية. و الملاحظ أن أسد الدين اختار صلاح الدين ليكون ذراعه الأيمن وهو لم يتم بعد العقد الثالث من عمره. فلناخذ اذن العبرة من هذا الإختيار و لنقدم على تشجيع احتكاك شباب القادة بمن هم أقدم منهم حتى يكتسبوا خبرتهم . و قبل تكليفه بتلك المهمة، كان صلاح الدين على رأس الجهاز الأمنى لدمشق، و قد أثبت قدر من الكفاءة فى حفظ الأمن فى منطقة دمشق الاهلة بالسكان، حتى أن الشاعر خرقلة الدمشقى يحذر لصوص الشام من صرامة صلاح الدين من خلال الأبيات التالة:
رويدكم يا لصوص الشام فانى ناصح لكم فى المقال
أتاكم سمى النبى الكريم يوسف رب الحجا و الجمال
فذاك يقطع أيدى النساء و هذا يقطع أيدى الرجال تحرك أسد الدين شيركوه و معه صلاح الدين وألف من الجند بغرض الوصول الى مصر. و بما أن أمراء قلعتى الكرك و الشوبك فى منطقة العقبة كانوا يرفضون عبور جنود الشام لأراضيهم، فكان مستحيلا أن يدخل الجيش النورى الى مصر من جهة صحراء سيناء. و من جهة أخرى، كان على أسد الدين و جنده أن يصلوا الى مصر فى سرية تامة. و لذلك تحركوا فى اتجاه البحر الأحمر و عبروه الى الصحراء الشرقية و منها الى القاهرة. و فى مكان قريب من ضريح السيدة نفيسة وقعت معركة حاسمة بين أسد الدين شيركوه و ضرغام، وكتب النصر فيها لأسد الدين. وقع ضرغام فى قبضة أهل مصر الذين فتكوا به، و تولى شاور قيادة البلاد من جديد كرئيس للوزراء. وكان كل ذلك يحدث بدون أدنى تدخل من الخليفة ألعاضد، مما يدل على ضعفه و استفراد الوزراء بالحكم و فسادهم من جانب، و معاناة الرعية بسبب سوء الأحوال المعيشية من جانب اخر.
"ان الله لا يحب الخائنين"[1]
بعد أن عاد شاور الى منصبه، طالبه أسد الدين شيركوه بسداد مبلغ الخمسين ألف دينارا ذهبيا فأبى و امتنع عن أداء ما كان قد اتفق عليه. و حاول أسد الدين شيركوه أن يذكره بشروط و أمانة العهد فى الإسلام، و لكن محاولاته لإيقاظ ضمير شاور ذهبت أدراج الرياح. بل ان شاور منع المؤن عن جيش أسد الدين حتى يتضور جوعا و يهلك، و أرسل الى أمورى أمير بيت المقدس يطلب منه مقدم حملة سريعة للقضاء على جيش أسد الدين. و بالفعل، تحرك من بيت المقدس ثلاثون ألف مقاتل فنزلوا على منطقة بلبيس و حاصروا جيش أسد الدين شيركوه المؤلف من ألف جندى. و كان ذلك الإتفاق يتضمن أن يدفع شاور الى أمورى مبلغ خمسمائة ألف دينار ذهبية لتخليص مصر من أسد الدين شيركوه و جيشه، دفع منهم شاور بالفعل مائتى ألف دينار كمقدم قبل أن يتحرك جيش أمورى من بيت المقدس! هل يعقل أن يرفض اعطاء أسد الدين خمسون ألف دينارا وفاءا بالعهد ثم يعطى مائتى ألف و يلتزم بأداء ثلثمائة ألف أخرى لأمير الصليبيين أعداء الإسلام؟!
من اثار رحمة الله سبحانه و تعالى
عندما طال الحصار المفروض على جيش أسد الدين شيركوه بدأ اهالى بلبيس يقومون بتعلية الأسوار حماية للجيش المحاصر، دون أن يطلب أسد الدين منهم ذلك. و هل هناك أفضل من ذلك الموقف للتأكيد على أن شعب مصر المسلم لا يموت مهما أراد البعض له غفلة أو تغييبا؟ و ان برهن هذا الموقف الإيجابى على شئ انما يبرهن على أن مفهوم الجهاد ليس بعيدا عن أفراد هذا الشعب.
بالطبع وصلت أخبار الحصار الى نور الدين محمود فأدرك مدى حرج الموقف و عز عليه ترك اخوانه المسلمين على تلك الحال من المعاناة. و حتى يخفف الحصار على جيش أسد الدين، أقدم نور الدين على مناوشة المدن التى تقع تحت امرة أمورى بالشام ليضطر الأمير الصليبى الى سحب جزءا من جيشه. و بالفعل، ضرب نور الدين فى ثلاث مواقع دفعة و احدة هى حارم و جعبر و بنياس. و نتيجة لذلك، سقط حصن حارم فى يد نور الدين. و توالت هجمات نور الدين على بنياس، و وقعت معركة حاسمة قبض فيها على ريموند و بوهيموندو، و هما من أكبر الأمراء المتواجدين مع الحملة الصليبية. و فى هذه اللحظة فوجئ أسد الدين بأن أمورى يطلب منه التفاوض! ولإن أخبار انتصارات نور الدين لم تكن قد وصلت الى أسد الين شيركوه، فقد كانت دعوة أمورى له مدعاة للدهشة حيث ان قوته أضعف كثيرا من قوة الصليبيين المحاصرين له. و من ناحية أولى كان أمورى يرغب فى الإسراع الى الشام خوفا من سقوط حصون أخرى فى يد نور الدين محمود، و من ناحية أخرى فان أسد الدين وجد فى تلك المفاوضات الفرصة لإنقاذ ألف مقاتل من المسلمين. و فعلا جرت المفاوضات بين أسد الدين و أمورى و بدأت القوات تنسحب على أن يعطى شاور لأسد الدين شيركوه خمسون ألف دينارا ذهبيا و يستكمل بقية الخمسمائة ألف التى كان اتفق عليها مع أمورى. و لنا أن نتساءل عن مصدر كل تلك الأموال التى وعد بها شاور. و للأسف كانت تلك ثروات الشعب المصرى الذى لم يكن يجد قوت يومه، وانما استبا ح شاور خيرات مصر دون أن يجد من يحاسبه و لا أن يتذكر حساب رب العالمين له يوم القيامة.
و فى المقابل، هناك موقف يدعو للفخر باسد الدين شيركوه، فقد جاءه جندى من الصليبيين و تحاورا كالاتى:
"( الرجل الصليبى): أين أسد الدين شيركوه؟ ( أسد الدين) : أنا هو. ( الرجل الصليبى): أنت أسد الدين ... فوالله لقد كانت تبلغ عنك الأحلام! (أسد الدين) : فوالله الذى لا اله الا هو، لولا أصحابى ما كنت ترددت فى قتالكم لحظة واحدة، و لكنت قتلت منكم أكثر من عددنا، و لإنفض عليكم نور الدين بعدها لنقضى عليكم. فوالله ما جبنت و لا أجبن من قتالكم. فوالله الذى لا اله الا هو لو عاد الأمر الى و ليس لأصحابى لفتكت بكم".
و يبدو من الموقف أن ذاك الصليبى كان شاهد عيان لقدرات أسد الدين شيركوه الذائعة الصيت أيا م المعارك التى دارت و فتح عماد الدين زنكى على أثرها امارة الرها، و بالطبع كان أسد الدين من أبرز قادتها. اذن، فكان ذلك المقاتل الغربى يعلم شجاعة القائد المسلم الذى وقف بين يديه دون أن يدرى. وكان الجندى فى غاية الإنبهار من صمود أسد الدين و جيشه أمام الحصار المفروض عليهم. فلما تعرف الجندى الصليبى عليه أراد أن يخبره أن الصليبيين يهابونه مهابة جعلت رغبتهم فى رؤيته بمثابة الحلم الذى يتمنى المرء تحقيقه! و لذلك فليس غريبا على أسد الدين شيركوه أن يعبر عن الجسارة التى عرفت عنه من خلال اخر جملة قالها فى الحوار الذى دار بينه و بين الجندى الصليبى، و التى جعلت ذلك الرجل الغربى يرسم علامة الصليب على صدره من شدة ما وقع فى قلبه من خوف عندما سمع مقولة أسد الدين شيركوه له.
البنيان المرصوص ... أين هو الان؟!
من الجدير بمكان التوقف عند موقف نور الدين محمود مما كان يجرى لجنده المحاصر على بعد مئات الأميال من الشام. فهل تقاعس؟ و هل ركن الى عذر بعد المسافة و وقف مكتوف الأيدى مكتفيا بالترحم على من سوف يموتون جوعا بعيدا عن ديارهم؟ لا والله، لم يفعل نور الدين ما نفعله نحن الان من تجاهل فعلى للمظالم و الجرائم التى ترتكب فى حق المسلمين فى كافة أنحاء الأرض. و المثال على ذلك للأسف هو عبارة عن رسالة قرأها الدكتور يوسف القرضاوى وجاءت على لسان فتاة بوسناوية تعبيرا عن المجازرالتى يتعرض لها المسلمون فى اقليمى البوسنة و الهرسك منذ أكثر من عشر سنوات فى غياب روح الجهاد و الدفاع عن أبناء و أراضى الأمة الإسلامية فى تلكما الإقليمين. و كانت هذه الفتاة صاحبة الأحد عشر ربيعا تتلقى العلاج من الإغتصابات التى تعرضت لها على أيدى المعتدين من الجنود الصرب و كادت تموت على أثرها. و قد تولى علاجها مجموعة من الأطباء المصريين المبعوثين من قبل نقابات الأطباء بمصر. فتحدثت الفتاة الى الأطباء قائلة:"أين اخواننا المسلمون؟ و الله لأشهدن رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم القيامة و أنا أسأل كل مسلم عاش تلك اللحظات التى كنت أغتصب فيها: "ماذا كنت تفعل فى تلك اللحظات و انا اغتصب؟ و ما الذى قدمته لتبعد عنى ذلك المغتصب؟". و ما أقوى تلك الرسالة التى تهز المشاعر و الأبدان، و لكنها مازالت فى انتظار رد فعل على أرض الواقع بنفس القوة ليكون خير معين على الإجابة على تلكما السؤالين أمام رب العالمين.
و عودة الى تفاعل نور الدين محمود مع الموقف المتأزم الذى كان يتعرض له اخوانه المسلمون، فانه دفع بقواته و فتح بالفعل كل من حارم و بنياس، بل أنه اسر ساعتها الصليبى أرناط و وضعه فى السجن . و أرناط كان ذلك السفاح الذى حاول انتهاك حرمة البيت الحرام.
"الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم فى كل مرة و هم لا يتقون"[2]
و هكذا عاد صلاح الدين الأيوبى الى الشام بينما رجع اسد الين شيركوه الى حمص لإنه كان واليا عليها. و مضت أربع سنوات قبل أن يعود أسد الدين و بصحبته صلاح الدين الى أرض مصر مرة أخرى لتحصيل الخمسون الف دينارا ذهبيا من شاور، و كانا يصطحبان معهما ألفين من الجند تحسبا لغدر شاور. و كان نجم الدين أيوب فى وداع كل من صلاح الدين و أسد الدين حيث دار حوارا حول كلمة "سياسة" التى كانت تثير غضب صلاح الدين لإن كثير من الحكام المسلمين كانوا و لا يزالون يتخذونها ستارا لخيانتهم للأمة الإسلامية عن طريق التنازل عن أرض اسلامية، أو الإتفاق مع من قتل مائة ألف من أبناء الأمة، أو التعاهد مع مجرم من مجرمى الحرب قتل المسلمين فى الخليل و قانا و غيرها. أما بالنسبة لصلاح الدين، فان هذا النوع من الغدر المغلف بكلمة "سياسة" كان فى حق شاور الذى كان بامكانه التحالف مع الشيطان فى سبيل الحفاظ على وزارته. و من خلال الحوار مع صلاح الدين، أكد أسد الدين على ضرورة التواصل مع مصر لتحقيق الوحدة بينها و بين الشام حتى يتم فتح بيت المقدس.
و قد و صل فعلا أسد الدين و من معه الى الجيزة و عبروا النيل حتى وصلوا الى قرية أطفيح. و بدأ المبعوثون من قبل أسد الدين يطرقون باب شاور لتحصيل مبلغ الخمسين ألف دينارا ذهبيا. و لثانى مرة يتنكر شاور لعهده و يعاود التحالف مع الشيطان طالبا من أمورى سرعة القدوم الى مصر فى مقابل ألف الف دينارذهبية.، وذلك حتى يقضى الصليبيون على الجيش القادم من الشام لتحصيل الأموال.أ و لم يكن شاور يعلم أن هؤلاء المقاتلون المسلمين يعدون جزءا من الجيش الذى يستعد لإسترجاع بيت المقدس؟ و كيف استحل أن يضعف الجيش المسلم الوحيد القائم فى المنطقة و القادر على حماية مقدرات المسلمين؟ و كيف أصبحت فكرة نزع سلاح المسلمين أمر مستساغ للمسلمين أنفسهم، أمس و اليوم أيضا؟!
أما و قد قارب هذا الفصل على الإنتهاء، تجدر الإشارة الى المهمة المذكورة فى ختام الفصل الماضى و هى تكمن فى الإستبيان الشخصى الذى يستطيع الفرد من خلاله ان يتعرف على بعض ملامح شخصيته مثل مدى رضاه عن أفعاله، عن توجهاته، عن نفسه بوجه عام؟ هل يقبل النقد و ينتفع به من خلال الإقدام على احداث تغييرات جذرية من شأنها الإرتقاء بالنفس، و بالتالى بالأمة باسرها؟ هل هو على استعداد للتعامل مع النفس و مع الغير بناءا على أسس تربوية أخذت عن التربية ألتى تلقاها و نشأ عليها صلاح الدين الأيوبى؟
و قبل الإنتقال الى الفصل القادم، هناك مهمة ملحة و ذات طابع سامى يتمنى المسلم تحقيق أعلى الدرجات فيها، الا و هى احياء سنن رسول الله صلى الله عليه و سلم فى أنفسنا. فليحاول كل منا أن يلتزم بصفة من الصفات، أو فعل من الأفعال، أو قول من الأقوال، الصادرة عن خاتم الأنبياء و المرسلين. فاذا ما صدقت نية المرء فى التغيير للأحسن، اقبل على الزيادة المتدرجة من محاكاته لصفات و أفعال و أقوال النبى الكريم.
[1]]الأنفال، 8 : 58[.
[2]]الأنفال، 8 : 56[. | |
|